جار التوجيه في 3 ثانية

© Image Copyrights Title

أكاذيب وتشويه للوطن

في كل حقبة من التاريخ، تطلّ علينا وجوهٌ تختبئ خلف قناع “الحقوق” و”العدالة”، وهي في حقيقتها لا تمتُّ إليهما بصلة. أشخاصٌ نصّبوا أنفسهم أوصياء على الضمير الإنساني، وراحوا يجوبون العواصم يروّجون لروايات مزيفة، ويدّعون الدفاع عن المظلومين، بينما هم أول من يتاجر بمظالم الناس وأحزانهم.

وهكذا كان المشهد في بانجول، حيث اجتمع من يزعمون تمثيل “الضمير الحقوقي”، لا ليعرضوا واقعًا منصفًا، ولا ليطرحوا قضايا عادلة، بل ليصبّوا سهامهم المسمومة تجاه وطنهم، متكئين على تقارير مفبركة ومصطلحات دخيلة لا تنتمي لواقع البلاد. رفعوا رايات “الأبارتايد” و”التمييز”، مستلهمين من القواميس الغربية ما يعينهم على تشويه وجه الوطن، ولو بالكذب العلني والتضليل المتعمد.

 

ما قاموا به لم يكن نابعًا من إحساس بالمسؤولية أو التزام بالمبدأ، بل كان تحركًا سياسيًا موجهًا، يخدم أجندات لا تخفى على المتابع الحصيف. فهؤلاء لا يرون في الوطن سوى منصة للصعود، أو ورقة للمساومة، حتى لو كان الثمن هو تشويه سمعة بلد بأكمله أمام المجتمع الدولي.

 

لقد سلكوا ذات الطريق الذي سار عليه من قبلهم من محترفي التحريف، الذين لم يترددوا في جعل قضايا الوطن مطية لأهداف شخصية ضيقة، لا تمتّ للمصلحة الوطنية بصلة. يكررون الأكاذيب على أمل أن تصبح حقائق، ويبثّون الافتراءات وهم يعلمون أنها لا تصمد أمام الحقيقة لكنهم ينسون أن موريتانيا ليست كيانًا هشًا تهزه تقارير مغرضة، ولا حقيقة يُطمس نورها بدخان الأكاذيب. هذا الوطن، بتاريخيه وتراثه وصمود شعبه، أقوى من أن ينال منه تقرير كاذب، أو شهادة مأجورة. الوطن لا يُقاس بمدى رضا المنظمات الأجنبية، بل بعمق انتماء أبنائه إليه، وصدق ولائهم لترابه.

الوطن ليس فندقًا نغادره متى ضاقت بنا السُبل، بل هو البيت الذي نحمله في قلوبنا، ونذود عنه في المحافل، لا نبيعه مقابل حفنة من التصفيق أو دريهمات الدعم.

فليبقَ الوطن شامخًا، كما عرفناه، وليبقَ صوت الحقيقة أعلى من ضجيج التشويه.

وليُسقط التاريخ من ذاكرته كل من خان، ويُخلّد فيه كل من دافع، لا بالكلام، بل بالفعل والانتماء.

 

محمد يحي الجراح 

بزلين -ألمانيا 

 

  • 0
  • 0
or

For faster login or register use your social account.

Connect with Facebook