هل كتب على موريتانيا ان تكون من افقر دول العالم..؟
2025-10-19 15:46:14تعتبر موريتانيا دولة فقيرة، حيث أن نسبة 30 % من السكان تحت خط الفقر، ونسبة 56ة% منهم في فقر متعدد الأبعاد.. ويوجد على الأقل حاليا اكثر من نصف مليون موريتاتي عاطل عن العمل..
ورغم الإجراءات الكبيرة التي اتخذتها الدولة في السنوات الأخيرة ضد الفقر، ومنها انشاء مندوبية تآزر مثلا، تعاني الطبقات الفقيرة من ظروف صعبة خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وتدني بعض الخدمات..
وعلى كل حال يصعب الحصول على مبرر لهذا الفقر والبطالة وصعوبة الظروف..؟
فموريتانيا تتمتع بثروات اقتصادية كبيرة ومؤشرات تنموية واعدة، فلديها احتياطيات من الغاز الطبيعي تقدر بأكثر من 100 تريليون متر مكعب، ولديها مناجم من الحديد والنحاس والذهب والنفط والمعادن الثمينة..
وتقدر الثروة الحيوانية في بلادنا بأكثر من 20 مليون رأس، وتزيد المساحات الزراعية على 500 ألف هكتار مروي.
ويعد الشاطئ الموريتاني على المحيط الأطلسي الممتد على مسافة 720 كلم من أغنى الشواطئ حيث يزخر بأكثر من 600 صنف من أنواع الأسماك، وهو ما يمكن من استخراج أكثر من مليون و500 ألف طن من المنتجات البحرية سنويا.
كما تتمتع البلاد بمقومات سياحية متنوعة، يعززها المناخ المنعش والتضاريس المتنوعة، والمعالم والآثار الكثيرة..
ثم إن عدد السكان لا يتجاوز خمسة ملايين نسمة..
ولكن ومع الأسف ورغم هذه الثروات والامكانات العديدة، وعدد السكان المحدود، كتب على موريتانيا ان تكون من افقر دول العالم..
والمصيبة الكبرى هي مأساة الديون..
فوفقًا لأحدث التقارير، يبلغ إجمالي الدين العام لموريتانيا 199.7 مليار أوقية جديدة، منها حوالي 20 مليار ديون داخلية يطالب البنك المركزي بنسبة 58 % منها.. وهو المؤسسة الوطنية المسؤولة عن التوازن النقدي في البلاد..
والمصيبة كذلك، أن هذه الديون التي ظلت تتراكم وتتضاعف منذ سبعينات القرن الماضي، تطرح مشكلة حقيقية، فهي تخنق الاقتصاد الوطني، حيث يتم سنويا دفع قرابة خمس ميزانية الدولة للدائنين، وهذا يولد الحاجة لديون جديدة وهذا بدوره يتطلب اعادة جدولة الديون السابقة، والاذعان لشروط صعبة على المستوى المالي والدبلوماسي وحتى السيادي..
فعلا الديون لا بد منها للدول من اجل تحقيق تنميتها، ولكن كما يقول المثل عندنا "الدين رق فاختر من يرقك"، فعلى الدول أن تختار ما يُخفف من عبودية الدين، من خلال القناعة والاعتدال في الإنفاق، وتجنب زيادة الديون..
يتحكم الجشع الغربي في معاملات المؤسسات المالية العالمية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، لذلك تعامل هذه المؤسسات الدول النامية الدائنة بقساوة للحصول على دولاراتها، وتفرض عليها شروطا هدامة ومخزية، تؤدي غالبا إلى تدمير النسيج الاجتماعي، كما أنها تستغل هذه القروض كعصا للهيمنة وإخضاع الشعوب..
والمشكلة ان أغلب الديون التي تمنحها هذه المؤسسات تكون بفوائد محددة بمدة معينة، أي أنها ربا جلي والعياذ بالله..
فالربا هو الزيادة المشروطة التي يتقاضاها الدائن من مدينه نظير الأجل، وهو حرام غليظ الحرمة، يقول الله تبارك وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله"..
وبالتالي فمن المستحيل عقائديا أن تكون في هذه الديون بركة او خير..
ثم إن الكثير من الموريتانيين يتساءل: ماهي نتائج هذه القروض على مصلحة البلد..؟
ويكاد يجمع الشعب الموريتاني أن قسما معتبرا من هذه القروض تم صرفه من طرف المفسدين على شراء القصور والسيارات والمواشي والبذخ..
والمفارقة أن البلاد تتحمل الديون المجحفة وتقتتطع الضرائب على المواطنين، في الوقت الذي تهدر فيه المليارات على مؤسسات ديكورية لا تقوم بأي دور وعشرات الوظائف السامية التي ليست لأصحابها مردودية، ناهيك عن عدد هائل من الرتب الأعلى التي تربك سير المؤسسات وتخنق الاقتصاد الوطني..
تستطيع موريتانيا ان تكون من أحسن الدول حالا في المنطقة، اذا استغلت مقوماتها الاقتصادية بطريقة مثلى وعملت بجدية وصرامة على تحقيق أهدافها من اجل التنمية والتطوير ولن يكون ذلك الا بالحكامة الرشيدة والقضاء على الفساد.
الامة الموريتانية عرفت باشعاعها الثقافي والحضاري وتشبعها بالقيم الإسلامية الفاضلة، وتتوفر اليوم على عدد هائل من الأطر والامكانات، فكيف تعجز عن ما حققته رواندا من تقدم وازدهار، حتى اصبحت اليوم عنوانا للنجاح والرقي في افريقيا..
رواندا تلك الدولة الافريقية التي عرفت سابقا بالفقر وخرجت من ركام واحدة من أفظع الحروب الأهلية التي عرفتها البشرية..
هذه الدولة ليست أكثر إمكانيات منا، ولكنها نجحت بامر اساسي ومهم جدا، وهو مكافحة الفساد تكتيكيا واستراتيجيا وبدون رحمة..
نعم بدون رحمة مع المفسدين، فقد كان شعار الدولة والشعب: "صفر تسامح" (Tolérance Zéro)، اي لا تسامح مع المتورطين..
- 0
- 0