جار التوجيه في 3 ثانية

© Image Copyrights Title

طريق النعمة فصالة: ضياع قرابة ثلاثة مليارات وأشغال لم تنجز وأعطاب واختلالات 

الأخبار (نواكشوط) - كشفت محكمة الحسابات في تقريرها الصادر حديثا ضياع قرابة ثلاثة مليارات أوقية قديمة جراء عدم احترام الشركات المنفذة لمقاطع طريق النعمة فصالة للمواصفات والمعايير المطلوبة، أو تغاضي الوزارة عن غرامات مستحقة، كما وثق التقرير إخلال الشركات بالتزاماتها، ووجود أعطاب واختلالات عديدة في الطريق.

 

ويبلغ طول الطريق 263.8 كلم، موزعة على ثلاثة مقاطع، هي النعمة بنغو 63 كلم، وبنغو باسكنو 137 كلم، وباسكنو فصالة 63.8 كلم، وتولى تنفيذ المقطع الأول تجمع "COPRI/AGRINEQ"، فيما نفذت المقطع الثاني والثالث، شركة "SNCTPC".

 

وسجّل المقطع الأول تأخرا كبيرا، بلغ 761 يوما، وبلغ تأخر المقطع الثاني 214 يوما، وتأخر المقطع الثالث 164 يوما، فيما أكدت المحكمة عدم شرعية الملحقات القاضية بزيادة مدة الإنجاز، والتي بررت بتوقف العمل بسبب أيام ماطرة، وعراقيل إزالة شبكات الماء والكهرباء الموجودة في خط الطريق.

 

ووصفت المحكمة هذه المبررات بأنها غير مقبولة، لأن المادة: 6 من دفتر الشروط الخاصة تنص على أنه "بمجرد تقديم العرض يعتبر المقاول على علم كامل بجميع ظروف وشروط وعناصر الصفقة، والتي من شأنها أن تؤثر على إنجاز الخدمات والأشغال أو على الأسعار".

 

إخلال بالقياسات 
وأورد التقرير أنه من خلال عدة قياسات لعمق بعض الحفر في الطبقة الإسفلتية اتضح أن متوسط سمك طبقة الطريق في حدود 3 سنتمتر بدل 5 سنتمتر المقررة في دفتر الشروط الفنية.

 

وأشار التقرير إلى أن هذا السمك المتوسط يمثّل نسبة 60% من السمك المطلوب، مما يعني أن نسبة 40% من الإسفلت المسجل في حساب المقاول لم يتم استخدامه، وتبلغ القيمة الإجمالية لهذه النسبة غير المستخدمة 197.283.445 أوقية قديمة، و2.100.393 يورو (أكثر من 800 مليون أوقية قديمة).

 

وأوضح التقرير أنّ الجزء المسدد من الأوقية على أساس سمك 5 سم هو 493.208.637 أوقية قديمة، و5.250.982 يورو.

 

وأكدت المحكمة أن عمليات القياس الواردة في التقرير تمت تحت إشراف مهندس خبير، كما أنها غطت نقاطا متعددة عشوائية على امتداد المقطع: 1 من البداية والوسط والنهاية، منبهة إلى فقد الطبقة لـ40% من سمكها خلال أربع سنوات من استلامها النهائي، يعني أنها ستمحي نهائيا خلال 10 سنوات وهو ما لا يبدو واقعيا".

 

حجارة تمتص الماء..
ووفق تقرير مهندس بعثة المحكمة المعاينة للطريق، فإن الحجارة المستخدمة في مقطع النعمة وبنغو في الطبقة الإسفلتية القائمة هي حجارة نفوذة ضعيفة تمتص الماء مما يؤدي إلى تآكل الطبقة الإسفلتية وسرعة شيخوختها، وهي غير مناسبة لبناء طبقات طريق تتعرض لحركة سير نشطة.

 

ولاحظ مهندس البعثة وجود الكثير من التشققات والحفر والتقعرات والانحناءات على امتداد المقطع، كما أن حدة هذه الاختلالات تزيد في الأماكن المنخفضة القابلة لاستقرار المياه.

 

تقرير محكمة الحسابات وثق دفع أكثر من 542 مليون أوقية للمقاولين عن أعمال غير منفذة، كتنظيف مواقع الورشات وآثار الأشغال وتسوية أماكن أخذ حجارة بناء الطريق، وكذا المبالغ المخصصة لنقل التجهيزات والأدوات والآليات من مواقع الورشات.

 

وأكدت المحكمة صرف هذه المبالغ رغم عدم القيام بهذه الأعمال في حين أن حسابات دفعات المقاولين تظهر تسديد المبالغ المقابلة لها في صفقتي المقطعين 1 و2 من الطريق. 

 

وتوزعت المبالغ المدفوعة والمسددة في الحساب النهائي للمقاولين إلى 215.821.761 أوقية قديمة، و816.845 يورو، وهي مبالغ أكدت المحكمة أنها غير مستحقة.

 

ملياران: غرامات ضائعة
وسجّلت المحكمة عدم اقتطاع وزارة التجهيز والنقل لغرامات تأخير مستحقة من صفقات المقاطع الثلاثة المكونة للمشروع بقرابة ملياري أوقية قديمة، وذلك "رغم وجود تأخر كبير غير مبرر في إنجاز كل واحدة من تلك الصفقات تجاوزت قیمته سقف غرامات التأخير المقررة".

 

وبلغت قيمة غرامات التأخير المستحقة على الصفقات الثلاث 1.076.378.866 أوقية قديمة، و2.114.013,44 يورو.
  

كما وثق التقرير عدم تصفية ضريبة جزافية، وعدم اقتطاعها من حسابات دفعات المقاول، وصل مبلغها الإجمالي إلى 109.873.1470 أوقية قديمة.

 

أشغال لم تنجز 
وعددت المحكمة أشغالا قالت إنها لم تنجز مع أنها مضمنة ضمن المشروع، وتم تسديد المبالغ المخصصة لها، كالتشجير في التجمعات التي تمر بها الطريق بمعدل 200 شجرة للكلومتر، وصيانتها مدة سنة، وإقامة متنزهات خضراء بمقاعد وبساتين، وتسييج المدارس والمراكز الصحية المحاذية للطريق، وتثبيت الرمال في حدود 15 هكتارا من الرمال.

 

تأخر وعدم شرعية 
وتحدث التقرير عن تأخر إنجاز المقاطع الثلاثة عن الآجال المحددة في عقود صفقات الإنجاز، بمدة تتراوح بين 5 شهور و24 شهرا، واصفة التأخر المسجل في إنجاز المشروع بأنه غير مبرر.

 

ونبهت المحكمة إلى أن الحيز الذي تشغله الشبكات من محور الطريق محدود جدا ولا يتعدى حيّز مدينتي باسكنو وفصالة، ولا يوجد في وثائق الصفقة ما يلزم المقاول بتوقيف الأشغال على امتداد الطريق حتى تحل مشكلة الشبكات.

 

تموجات وارتجاجات وانحناءات

وعلى مستوى المقطعين 2 و3 بنغو - باسكنو، باسكنو - فصالة، وثقت المحكمة وجود تموجات في سطح الطبقة الإسفلتية مما يجعل السير على الطريق غير مريح بسبب بعض الارتجاجات التي يشعر بها الركاب، ذاكرة أن تقرير مهندسها يرجع ذلك لـ"خلل في آلية نشر الطبقة الإسفلتية، أو سوء تهيئة الطبقة القاعدية وتشوهها بسبب حركة المرور قبل وضع الطبقة الإسفلتية.

 

وكشفت المحكمة عن جود بعض الارتجاجات في نهايات الأرضيات المدعمة وانحناءات "خفيفة" على امتداد المقطع، منبهة إلى أن المقطع 2 استلم بشكل نهائي في نهاية 2020 أما المقطع 3 فقد استلم في منتصف 2022، وبالتالي فإن الفترة القصيرة التي مضت على استخدامهما ليست كافية لظهور عيوب ناتجة عن الاستغلال.

 

أعطاب
ولاحظت المحكمة وجود أعطاب على امتداد المقطع 1 النعمة - بنغو منها تشوهات وكسور في الجدران الجانبية، وانجراف بلاط حماية بعض العَبَّارات، وتكسر وتشوه في بعض الأرضيات المدعمة بحيث تظهر أحيانا مسامير تدعيم الخرسانة.

 

ووصفت المحكمة - بناء على تقرير مهندسها - الإشارات الأفقية والعمودية على الطريق في المقطع 2 ابتداء من الكلومتر 7 من بنغو باتجاه باسكنو بالرديئة، وهو ما يستدعي تجديدها حماية لأمن المستخدمين.

 

ونبهت المحكمة إلى أن الاستلام النهائي للمقطع 2 تم بتاريخ 15/12/2020، وأن إشارات المرور والأمان توضع في نهاية إنجاز الطريق وليس في البداية، وبذلك يكون عمر الإشارات عند تسجيل الملاحظة أغشت (2022) أقل من السنتين.

 

غياب مقتنيات مختلفة

وتحدث التقرير عن مقتنيات تعود ملكيتها للوزارة، وتغيب وثائق جرد لمحاضر تسليمها، موضحة أن المقتنيات عبارة عن 5 سيارات عابرة للصحراء لصالح مكتب الرقابة، وتجهیزات مختبر أشغال كاملة، وأدوات مسح طبوغرافي، ومباني سكنية وإدارية لصالح مكتب الرقابة، مع الأثاث والتجهيزات المكتبية لصالح مكتب الرقابة، وآبار مجهزة بمضخات بواقع 8 آبار على حساب كل صفقة.

 

وتدارك التقرير بقوله إن المحكمة "لم تتمكن من الحصول على وثائق جرد أو تسليم لهذه المقتنيات" باستثناء محاضر تسليم السيارات التي تم اقتناؤها في إطار صفقات المقطع: 1 والمقطع 2، وثلاث سيارات للمقطع 3 إضافة إلى محضر استلام تجهيزات المختبر المقتناة في إطار صفقة المقطعين 2 و3، وذلك خلافا لمقتضيات البند 3.10 من عقود مكاتب الرقابة على الصفقات.

 

واستغرب التقرير عدم تقدير قيمة لهذه المقتنيات في العرض الكمي التقديري بشكل مفصل، حيث أجملت في إطار التكلفة الإجمالية للتكفل بمتطلبات عمل مكتب الرقابة، ولا توجد لدى الإدارة وثائق اقتناء هذه المقتنيات (فواتير، مستندات، تسديد عروض موردين..) مما يصعب تحديد قيمة النقص في حال حصوله.

 

وقالت المحكمة إنه من خلال المقارنة بين لائحة الأثاث المقرر في دفتر الالتزامات الفنية، ولائحة الأثاث التي تم جردها من طرف المحكمة في عين المكان (بنغو - باسكنو)، ظهر أن المقتنيات في كلتا اللائحتين غير متطابقة.

 

اختلالات متعددة
ونبهت المحكمة إلى أن مكتب رقابة المقطع: 1 لم يسلم أي تجهيزات، كما أن العدد المطلوب من الآبار، لم يتم إنجازه من طرف المقاولين، إذ اتضح من التحريات في عين المكان أن الآبار المنجزة إما مغلقة وغير مجهزة، وإما مجهزة من طرف جهات أخرى تستغلها.

 

وأوضحت المحكمة أنّ عدد الآبار المنجزة في المقطع الأول صفر، وفي المقطع الثاني من الطريق تم إنجاز سبعة آبار أربعة منها مغلقة وغير مجهزة، إضافة لبئرين "تم تجهيزهما واستغلالهما من طرف شركة المياه"، وبقي بئر واحد مجهز ومستغل من طرف السكان المحليين.

 

أما المقطع الثالث فحفرت فيه أربعة آبار، اثنان منها مغلقان، وغير مجهزين، وواحد مجهز ومستغل من طرف شركة المياه، والآخر تم إتلافه جراء نزاع بين السكان المحليين.

 

مواعيد تسليم المشاريع
وذكر التقرير أن إنجاز كل واحد من هذه المقاطع تم بموجب صفقة مستقلة، لافتًا إلى أنه تم استلامها نهائيًا بعد مدة تصل لحدود عامين من موعد الاستلام المؤقت لها.

 

وأضاف أنه كان من المقرر أن يتم الاستلام المؤقت لمقطع النعمة بنغو بتاريخ: 19/05/2017، في حين لم يتم استلامه بشكل نهائي إلا في 16/08/2018.

 

أما مقطع بنغو - باسكنو، فقد تم استلامه نهائيًا في 15/12/2020، رغم أن موعد استلامه المؤقت كان محددًا في 11/01/2019.

 

  • 0
  • 0
or

For faster login or register use your social account.

Connect with Facebook