جار التوجيه في 3 ثانية

© Image Copyrights Title

حول داء الفساد وآثاره على التنمية والمجتمع

في أدبيات التجار المحليين عندنا مقولة شعبية تقول " الفظه ماتنتكل مرتين" وهي مقولة بليغة مليئة بالحكمة وتختزل نصحا عميقا لمن يريد التحصيل دون أن ينتهج سياسة استهلاك رشيدة، كما تقول الحكمة العربية الشهيرة " لاكثرة مع التبذير ولاقلة مع التدبير".
ومن هذا المنطلق أعتقد أنه يكفي لمعرفة خطورة الفساد وضرورة تشكل هبة شعبية ضده ما تشهده بلادنا من ضعف في الخدمات العمومية خصوصا في مدن الداخل حيث غياب الوعي بالحقوق، وما نشاهده من ثراء فاحش لمجموعة قليلة تتبادل على المناصب في كل الأنظمة وتورث أبنائها لجعلها دولة- بينهم دون أن يمنحو الفرصة لغيرهم من أبناء الوطن- وأغلبهم ليس لديه أدنى شعور بواقع هذا الوطن المهدد بالتفكك بفعل انتشار الغبن والتهميش في زمن الإعلام الحر حيث لم يعد يمكن التغطية ولا التحكم في الرسالة الإعلامية الموجهة للرأي العام.
لذا أعتقد أنه إذا لم تكن هناك خطوات عملية قاسية لردع كل من ورد اسمه في ملفات الفساد وجعله عبرة لكل من تسول له نفسه المساس بالمال العام فستكون العواقب وخيمة والضريبة غالية وسيدفعها الجميع.
وهنا لا نبالغ اذا قلنا ان كل تدوير لمفسد ولو بعد مدة من ابعاده هو بمثابة إشعال نار ولو بعد حين في أمن واستقرار الوطن خصوصا أن البلد اليوم مليء بالكفاءات النزيهة التي لم تجد بعد الفرصة لخدمة وطنها وتحتاج فقط قرارات شجاعة لدمجها، وبذلك يمكن سن سياسة التنافس الإيجابي، فأغلب "رموز الفساد" يخيل إليهم أن الدولة لا يمكن أن تستغني عنهم نظرا لقدرتهم على التأثير في المواسم الانتخابية والحقيقة أن ذلك نسبي جدا واذا ما انتهجت الدولة سياسية خلق البديل يكون تأثيرهم شبه معدوم لأن القوة والقدرة التي حصلوا عليها هي قوة اعتبار الدولة ومن خلال ذلك أيضا يعلم البديل أن استمرار الاعتماد عليه مرهون بعدم تجاوزه لتوجيهات الدولة حول تسيير المال العمومي وليس مكانته السياسية أو الاجتماعية.
إن خطورة الفساد ليست فقط في تعطيل عجلة التنمية بل تذهب أبعد من ذلك حيث يؤدي انتشار الفساد إلى افساد حياة المجتمعات بالقضاء على منظومة القيم والأخلاق الناظمة لسلوك أفراده، ومن ذلك ما بدأنا نشاهده اليوم من انتشار لثقافة الترف المدمر والاستهلاك الفاحش وسيطرة التفاهة على النقاش في المجال العام.

وفي الختام ينبغي التنبيه إلى أن فكرة الابعاد المؤقت لمن ثبت فسادهم بتعيينهم ك "مستشارين أو مكلفين بمهام " وإن كانت كتعبير ضمني "أفطام" عن تسيير الميزانيات إلا أنها تفقد محاربة الفساد البُعد الأهم  الدال على جدية محاربته وهو العقوبات الرادعة كالسجن والابعاد النهائي من الاعتبار الرسمي والحرمان من الحقوق المدنية خصوصا الترشح للمناصب الانتخابية.

_____________
أحمدو ولد محمد فال ولد أبيه 
ناشط سياسي/ مستشار بجهة الحوض الغربي

  • 0
  • 0
or

For faster login or register use your social account.

Connect with Facebook